كيف يُمكن للتخلي عن السُّلطة أن يُشكِّلَ ثقافةَ الكنيسة؟

التاريخ

١٧ يوليو ٢٠٢٣

الموضوع

القيادة

الكاتب

جوناثان ليمان

المصدر

فكِّر فيما يمكن أن يحدُث إذا تمتَّع القائد الأعلى للكنيسة بقدرةٍ على توزيع السُّلطة بسخاءٍ على شيوخه من غير المتفرِّغين، والأعضاء الآخرين في الكنيسة! وفكِّر فيما يمكن أن يحدُث إذا اجتهد أعضاء الكنيسة جميعهم ليكونوا مانحي فرص! وفكِّر فيما يمكن أن يحدُث إذا استُخدِمت علاقات التَّلمذة في توزيع السلطة على الآخرين. ما الذي يمكن أن يحدُث؟ سيساهم ذلك حتمًا في تشكيل ثقافة الكنيسة تشكيلًا رائعًا، منبتًا ومنميًا ذلك المزيج من الحدائق الجميلة. وبالتحديد، سيتحقق ما يلي:
1. سيحافظ ذلك على الإنجيل في القمة. فالتنازل عن السُّلطة يجعل أعيُنَ الكنيسة مثبَّتة على أهداف الإنجيل وليس على القائد.
2. سيعزِّز من العلاقات الحقيقيَّة. ففي بيئة يتمسك فيها الأشخاص بسلطتهم في غيرة، تكون العلاقات مشوبة بالسِّياسات والاستراتيجيَّات؛ ومن ثَمَّ، يسود مناخ من التحفُّز والحذر، الأمر الذي يؤدي إلى عدم الكشف عن مواطن الضَّعف، وتناقُص الشفافيَّة. لكن، حين يشعرُ الناس بأنهم يُمنَحون سلطة، ويمكَّنون، يصيرون على الأرجح أكثر انفتاحًا وصدقًا.
3. سيحولُ دون أن تصيرَ الكنيسةُ قبليَّةً، ممتلئة بالتحزُّبات. فالذين يتنازلون عن السُّلطة باستمرارٍ يُظهِرون للمحيطين بهم أنَّهم أكثرُ اهتمامًا بنجاح الإنجيل بغضِّ النظر عن الشخص الذي يتولَّى القيادة (راجع فيلبِّي 1: 12-30).
4. سيُشجِّع أعضاء الكنيسة على مشاركة الموارد فيما بينهم. فعندما أرى أنَّ قادتي لا يركضون وراء مصالحهم الشخصية، سأكون أنا أيضًا أكثر ميلًا إلى العطاء.
5. سيقضي على التسلسلات الهرمية الاجتماعية. فسيتعامل الأعضاء بعضهم مع بعضٍ على أنهم متساوون. لماذا؟ لأنَّ الإنجيل هو الذي صار يحتلُّ المركَز. فإننا جميعًا خُطاة خلَّصتهم نعمة الله. وعندما لا يتعالى القادة على الآخرين، يصيرون نموذجًا يحتذي به الجميع.
6. سيُنمِّي الثقة. فحين لا يركض القادة والأعضاء وراء ما لأنفسهم، يصير من الأسهل أن نثق في دوافعهم، حتَّى عندما يطلبون منا القيام بتضحيات.
7. سينمي القابليَّة للتعلُّم والاستعداد لتلقِّي النقد. أقولُ مجدَّدًا إنني إذا كنتُ أثقُ بمَن هم في مَوضع سُلطة فوقي (سواء كانت سلطة رسميَّةً أو غير رسميَّة)، سأكون أكثر استعدادًا للاستماع إلى الانتقادات التي يوجِّهونها لي، وسأثق بأن تلك الانتقادات مُتأصِّلة في المحبَّة، وليس في رغبة في الشعور بالتفوق.
8. سيُعزِّز من الاستعداد للغفران. فعندما يكون القائد مسرعًا في مغفرة أخطاء الآخرين، يصير أكثر استعدادًا لائتمان آخرين على السلطة، الأمر الذي بدوره يُساعد الآخرين على فعل الأمرِ ذاته.
9. سيُشجِّع الكنيسةَ على تبنِّي عقلية التدريب. فالكنيسة التي ترى قادتها يجتهدون باستمرار لأجل تدريب آخرين وتمكينهم، لن تُواجه صعوبةً في فهم رؤية الكنيسة وكذلك إطلاع آخرين عليها.
10. سيُساعدُ الكنيسةَ على التركيز على الخارج. فإن عملية إقامة قادةٍ جُدُدٍ تساعد الكنيسة على إدراك أنَّ هدفَها ليس هو فقط أن يكون منزلها في أفضل حالٍ، بل أن تساعد منازل أُخرى أيضًا على أن تصبح أكثرَ سعادةً وأكثر تمتُّعًا بالصحة.
من المؤكَّد أنَّ التفويض يُمكن أن يحدُثَ بطريقةٍ خاطئة أو كسولة. ولهذا، فإن التفويض الجيِّد يتطلَّبُ حكمة. فالأمر برمته يتعلق بالتوجُّه القلبي. فهل يُسعدنا أن نرى آخرين يكتسبون سلطةً، أم أننا نضع سياجًا حول سلطتنا بكلِّ غَيرة، خشية من تفوُّق الآخرين علينا؟ إذا كُنَّا ننتمي إلى النوع الأول من الأشخاص، فماذا نفعل حتى ننشر هذا التوجُّه؟
إن مثالنا الأسمى في ممارسة السُّلطة وتفويض الآخرين في الوقت نفسه هو الله، ولا سيما شخص يسوع المسيح. فقد خَلَقَ الله آدم على صورته، و"كلَّله" بالمجد والكرامة، ووضعَ كلَّ شيءٍ تحت قدمَيه (مزمور 8: 5-6). ثمَّ دفع إلى المسيح كلَّ سلطانٍ في السَّماء وعلى الأرض حتَّى يدعو شعبًا لنفسه (متَّى 28: 18، راجعْ عبرانيِّين 2: 6-8). ثم أوصى المسيحُ هذا الشعب -الذي هو نحن- بأن يتلمِذوا آخرين حتَّى نشترك معه في الحُكم. ومن المُدهش أنَّ الكتاب المقدَّس يقول إن البشر سوف يملكون مع الله (2تيموثاوس 2: 12؛ رؤيا 20: 6، ومعناها حرفيًّا "يكونون ملوكًا مع").
إذا كان المسيح نفسه، من أجل السرور الموضوع أمامه، أبدى استعدادًا أن يُشرِكنا في مُلكه، فكم بالحري يكون مقدارُ السُّرور الذي نتوقع أن نختبره عندما نُشرِك آخرين في سُلطتنا؟ أعتقد أنَّ إشراك الآخرين في السلطة هو لُبُّ التَّلمذة. وما نتيجة ذلك؟ سينتج عن ذلك اختبار السرور والفرح نفسه الذي يتمتَّع به الله، خالقنا وفادينا.
مشاركة المقالة
عن الكاتب
جوناثان ليمان

جوناثان ليمان (حاصِل على الماجِستير من كلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية) وعضو في كنيسة كابيتول هيل واشنطن دي.سي، ومؤلف كتاب “The Church and the Surprising Offense of God’s Love”كما أنه يعمل رئيسًا للتحرير لخدمات 9Marks وهو مُحرِّر الجورنال الإلكتروني الخاص بهم.

المزيد من المقالات