التاريخ
٠٥ سبتمبر ٢٠٢٢الموضوع
مختاراتالكاتب
جوش سكوايرز (Josh Squires)المصدر
"وَلَكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً"
(ابطرس٨:٤)
حين يبدأ الزوج والزوجة يشعران بالانفصال والتباعُدِ ما بينهما، عادةً يكون أصلُ المشكلة هو الحميميَّة. ومن الحلول لإعادة الترابُط ما بينهما هو إدراكُ أنَّ الحميميَّة مسألةٌ متعدِّدةُ الأوجه. حقيقة الأمر، توجد على الأقلِّ خمسة أنواعٍ مختلفةٍ من الحميميَّة. وفقط عندما نحافظ على هذه الأنواع الخمسة جميعها، يمكننا الحصولُ على زيجاتٍ تتميَّز بقوَّة الترابُط وعمقه.
1. الحميميَّة الروحيَّة
هذا هو النبع الذي تفيض منه كلُّ الأنواع الأُخرى من الحميميَّة. فإذا كان مستوى الحميميَّة الروحيَّة مرتفعًا، تمتَّعتِ الأنواعُ الأُخرى من الحميميَّة ببعضٍ منَ القوَّةِ والصمود. تنبعُ الحميميَّة الروحيَّة من انغماسنا معًا في كلمة الله، والصلاة أحدنا لأجل الآخر، وعبادتنا لله معًا. فكلمة الله هي غذاء أرواحنا ( متَّى ٤:٤؛ تثنية٣:٨ ) وحين نتَّبع الحمية الروحيَّة نفسها، يمكننا أن نتوقَّعَ نموَّنا بطرقٍ مماثلة، ومن ثَمَّ نموَّنا معًا، وليس بصورةٍ منفصلة.
2.الحميميَّة الترفيهيَّة
تنشأ هذه الرابطةُ وتتقوَّى باشتراكنا معًا في نشاطاتٍ ترفيهيَّة، بدءًا من الكلمات المتقاطعة وُصولًا إلى القفز المظليِّ. يميل هذا النوع من الحميميَّة إلى أن يكونَ في أعلى درجاته في وقتٍ باكرٍ من العلاقة، عندما يكون كلا الزوجَين على استعداد لأن يجرِّبا أمورًا خارجَ المألوف، فقط ليكونا معًا. لكنْ بعد أنْ يصيرَ وجودهما معًا أمرًا معتادًا وطبيعيًّا؛ وعندما تزداد الحياة تعقيدًا بسبب العمل وإنجاب الأطفال، وغير ذلك، تتضاءلُ فرصُ ممارسةِ نشاطاتٍ ترفيهيَّة، وترتفع تكلفتُها. لكنَّ الله خَلَقَنا لنستمتعَ بنشاطاتِ الحياة، لا سيَّما مع شريك حياتنا (الجامعة ٩:٩). ويلزمُ زيجاتِنا أنْ نكونَ قادرين على الضَّحك واللَّعب معًا، إذا أردنا أن تصمدَ في أثناء أزمنةِ الدموع والمشقَّة.
3. الحميميَّة الفكريَّة
يتواصل الأزواج والزوجات أيضًا معًا بمناقشة موضوعاتٍ ذات اهتمامٍ مشتركٍ ما بينهم، سواء تلقائيًّا وعفويًّا أم بجدِّيَّة. فإنَّ حبلَ علاقتك بشريك حياتك يزداد قوَّةً عندما تمارسُ معه تمريناتٍ فكريَّة. ويمكن أن يكونَ مناسبًا اشتراكُكما في أيِّ موضوعٍ يقعُ ضمن اهتمامكما، مثل الأفلام، أو السياسة، أو الطهي، أو غيرها من موضوعات. نظير الحميميَّة الترفيهيَّة، تميل الحميميَّة الفكريَّة إلى أن تكون في أعلى مستوياتها في بداية العلاقة. لكنْ بمرور الوقت، يفترض الأزواج والزوجات عادةً أنَّهم يعرفون ما يفكِّر فيه شريك حياتهم بشأن أيِّ موضوع تقريبًا. ومع أنَّهم قد يكونون محقِّين في أحيانٍ كثيرة، فثمَّة أهمِّيَّةٌ خاصَّةٌ للتفاصيل، ودائمًا ما تكون هناك زاويةٌ جديدةٌ من الموضوع يمكن أن يستكشفَها الزوجان معًا. والفائدة التي تُجنَى من ذلك جديرةٌ بالعناء.
4. الحميميَّة الجسديَّة
هذا هو ما تعنيه "الحميميَّة" للكثيرين. لكنَّ هذا النوع من الحميميَّة يتعلَّق فقط بممارسة الجنس؛ فالعناق، أو الاحتضان، أو الإمساك بالأيدي وقت الجلوس على الأريكة هي أمورٌ تُحسَب قطعًا ضمن الحميميَّة. حقيقة الأمر، إحدى أكبر شكاوى الزوجات هي أنَّ الأزواجَ يفهمون أيَّة لمسةٍ جسديَّةٍ من زوجاتهم أنَّها إشارةٌ إلى رغبتهنَّ في الحميميَّة الجنسيَّة، في حين أنَّ الزوجة تكون فقط محتاجةً إلى معانقة بسيطة. من بين كلِّ أنواع الحميميَّة، هذا النوع هو ما يحقِّقُ أفضلَ النتائج لدى الرِّجال. فعادة ما يشعر الرِّجال بأعلى قدرٍ من الترابُط حين تكون الحميميَّة الجسديَّة (لا سيَّما الجنسيَّة) في أعلى درجاتها. يجب ألَّا يُدهشَنا ذلك، في ضَوء وصيَّة الله للرَّجل بالتلذُّذ بتلك الممارسات مع زوجته (أمثال ٥: ١٨-١٩)
5. الحميميَّة العاطفيَّة
في حين أنَّ الحميميَّةَ الفكريَّة مرتبطةٌ بمناقشة موضوعات، وعادة ما تهيمن عليها الأفكار، تتعلَّقُ الحميميَّةُ العاطفيَّةُ بمناقشة الخبرات والاختبارات، وعادة ما تهيمنُ عليها المشاعر. ولأنَّ قاموس المفردات العاطفيَّة عند الرجال عادةً محدودٌ مقارنةً بالنِّساء، وعادةً ما يكونُ الرجالُ هم أقلَّ من زوجاتهم شعورًا بالراحة تُجاه الكلام الحافلِ بالعواطف، يمكن أحيانًا أن يُسيء الأزواج فَهْمَ زوجاتهم حين يتكلَّمن. فقد يتخيَّل الزوج أنَّها تريد تبادُلًا للأفكار، في حين أنَّها تريدُ حقًّا أن يتَّحدَ أحدهم معها في ما تشعرُ به. بغضِّ النظر عن أيِّ قيود أو محدوديَّات، توجد وصيَّةٌ للأزواج بالعناية بقلوب زوجاتهم، تمامًا مثلما توجد وصيَّة للزوجات بالعناية بالحياة الجنسيَّة لأزواجهن. الحميميَّةُ العاطفيَّةُ هي ذلك الجانب الذي تشعر فيه السيِّدات بأكبرِ قدْرٍ من الترابُط. فيوجد سببٌ وجيهٌ لكَون أوَّل شيءٍ فعله آدم، الذي كان آنذاك لا يزال بلا خطيَّة، حين رأى حوَّاءَ للمرَّة الأولى، لم يكن مضاجعتها، بل النُّطق بأوَّل قصيدةِ حُبٍّ شعريَّةٍ في العالم (تكوين ٢٣:٢).
دوائرُ جيِّدة ودوائرُ سيِّئة
حين يشعرُ الرجال بفقدان الترابُط، يحاولون عادةً الحصولَ على الحميميَّة الجسديَّة بواسطة الحميميَّة الترفيهيَّة (فلنفعَلْ شيئًا مسلِّيًا وممتعًا معًا، وربَّما تنتهي بنا الحال في فراشِ الزوجيَّة). وعندما تشعرُ النساء بفقدان الترابُط، يحاولنَ عادةً الحصولَ على الحميميَّة العاطفيَّة بواسطة الحميميَّة الفكريَّة (فلنتحدَّثْ معًا بموضوعٍ ما، وربَّما تنتهي بنا الحال إلى تشارُكِ مشاعرنا). وهنا، يمكن أن يجدَ الزوجان نفسَيهما يدوران في حلقاتٍ من العُزلة؛ لأنَّ تركيزَ كلٍّ منهما على الأخذ لا على العطاء. وفي هذا، يجعلُ الالتزامُ المسيحيُّ الزوجَين يحبَّان أحدهما الآخر، حتَّى حين يكون الأمر مؤلـمًا (يوحنا١٣: ٣٤-٣٥؛ غلاطِيَّة ١٣:٥؛ ٢:٦؛ أفسس ٢:٤، ٣٢؛ ١بطرس٤ :٨-١٠)، أن يساعدهما على الانتقال من حلقاتِ العزلة إلى دوائر الحميميَّة، عندما يقدِّم كلٌّ منهما بمحبَّة احتياجاتِ الآخر على احتياجاته. إنَّ سعيَنا، نحن الزوجَين، إلى تحقيق الترابُط ما بيننا يساعدُ في تعميق جذورنا في المحبَّة الحميميَّة لذاك الذي فيه يكونُ ترابطُنا أبديًّا وثابتًا، أي الله نفسه.
تناقَشْ مع شريك حياتك
هل تجدانِ في زواجكما الأنماطَ المعتادةَ لطلب الحميميَّة (الرجال: الحميميَّة الترفيهيَّة طلبًا للحميميَّة الجنسيَّة، والنساء: الحميميَّة الفكريَّة طلبًا للحميميَّة العاطفيَّة)؟ تناقَشا معًا في الوسائل التي تشعران بها أنَّكما محبوبان. اسألْ نفسَك كيف يمكن أن تعبِّر لشريك حياتك عن المحبَّة على نحوٍ أفضل.
الراعي المسئول عن المشورة ورعاية الأعضاء في الكنيسة المشيخيَّة الأولى في مدينة كولومبيا، ولاية كارولَينا الجنوبيَّة، حيث يقيمُ مع زوجته ميلاني، وأبنائهما الأربعة.