هل تتوقَّعُ أن يكونَ زواجُك سهلًا؟

التاريخ

٢٧ فبراير ٢٠٢٣

الموضوع

مختارات

الكاتب

أدرين سيجال

المصدر

 

"وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لِأَنَّهُ وَنَحنُ بَعدُ خُطاةٌ ماتَ المَسيحُ لِأَجلِنَا"


(رومية٨:٥)


عندما نتزوَّج، يظنُّ الغالبيَّة في أعماقهم أنَّ زواجَنا سيكون مختلفًا، في حين أنَّ الكثيرَ من الزيجات الأُخرى صعبةٌ جدًّا. وقد تظهر بالتأكيد بعضُ الصعوبات ما بين الحين والآخر، لكن عمومًا تنصهر الجبال تحت أقدامنا حين نمسك بيد توأم روحنا.


يبدو أنَّ هذا ما شعر به آدم، ويمكن تفهُّم ذلك قبل دخول الخطيَّة في العالم. فحين وقعَت عيناه للمرَّة الأولى على المرأة التي خلقها الله لتكونَ رفيقةَ آدم، لم يستطع آدمُ احتواءَ سعادته: "هَذِهِ الآنَ [أخيرًا!] عَظمٌ مِن عِظَامِي وَلَحمٌ مِن لَحمي" (تكوين ٢٣:٢). ففي أعماق آدمَ، أدرك أنَّ تلك المرأة، التي جَبَلها الله من لحمه لتكونَ معينًا له، ستسُدُّ حاجتَه إلى الرفقة والدعم والمتعة، أكثر من أيِّ شيءٍ آخرَ خلقَه الله. وكان من المقرَّر حقًّا أن تفعلَ المرأة ذلك؛ لأنَّ الله رأى أنَّه " لَيسَ جَيِّدًا أَن يَكونَ آدَمُ وَحدَهُ" (تكوين١٨:٢)، ورأفةً من الله، خلقَ لآدمَ الشريكَ الأمثل.

بلغ سقفُ توقُّعاتِ آدمَ أقصى ارتفاعٍ ممكنٍ في ذلك اليوم الأوَّل؛ لأنَّ الخطيَّة لم تكُن قد أفسدَته بعدُ، ولم يكن قد شهدَ عواقبها. لكنَّ سذاجةَ آدمَ المتوقَّعة، بل المبَّررة أيضًا، لم تحمِه من الواقع القاسي والمؤلم الذي فَرَض نفسه. فقد انهارت تلك الصورةُ الرائعةُ من الصداقة والحميميَّة وتشوَّهت على نحوٍ قاسٍ ومأسويٍّ في تكوين ٣
هل ارتكبَ الله خطأً؟ ألم يعلَم أنَّ الحُكمَ السيِّئَ لهذه المرأة على الأمور سيُسقِط الجنسَ البشريَّ في الهلاك؟ أوَلَم يرَ أنَّ الزواجَ ما بين آدمَ وحوَّاءَ سيكون أصعبَ ممَّا تصوَّرا؟ لقد خرجا حرفيًّا من الجنَّة ليكافحا من أجل كلِّ لقمةِ عَيش.
لم يكن أيُّ زواج سهلًا قطّ. ومن العجيب أنَّنا نتوقَّع دائمًا أن نكونَ نحن الاستثناء، وأنَّ الزواجَ سيكون سهلًا في حالتنا.

المحبَّة في أرض السهولة
بالتأكيد، ليس الزواج هو المشكلة، بل الخطيَّة هي المشكلة؛ فالخطيَّة هي ما يجعلُ كلَّ زواج صعبًا.
من الواضح إذًا أنَّ الله لم يخلقِ الزواجَ كي يجعلَ الحياةَ سهلة، بل خلقه كي يكشفَ عن جمالٍ وعمقٍ وقوَّةٍ وحبٍّ لم يكُن ممكنًا اكتشافها بتاتًا في أرض "السهولة". خلقَ الله الزَّواج لمساعدتنا أن نعرفَ الكيفيَّة التي تكون عليها المحبَّة الحقيقيَّة.


أفضلُ زواجٍ وأسوأُ عروس
لقد حظينا، نحن الكنيسةَ، بالامتياز الذي لا يوصف أن نكونَ عروسَ المسيح (أفسس٢٥:٥؛ رؤيا١٩ :٧-٩). وفي هذا الزواج، نرى حبًّا شبيهًا بحبِّ هوشع- ينسكب بفيضٍ على العروس من عريسها، حتَّى حين تحتقره وتهينه وتسعى وراء متعتها لدى الآخرين (هوشع٢ :١٤-٢٣)


كما نرى في هذا الزواج حُبًّا لا يستسلم البتَّة، بغضِّ النظر عن مدى تَكرار هروبِ العروسِ إلى آلهة أدنى طالبةً الفرحَ الذي لا يمكن أن تجدَه إلَّا في العريس الحقيقيّ (رومية٨ :٣٨-٣٩). فإنَّنا نرى فيه ذلك الحبَّ الباذلَ المذهلَ الذي يتعذَّر تفسيره، والذي يقدِّمه العريس حتَّى الموت كي يحميَ عروسًا ويحفظها، وهي عروس يبدو أنَّها تَستَهين كلَّ يومٍ بأهمِّيَّة تلك العطيَّة، وتحسبُها أقلَّ أهمِّيَّة من الاحتياجات الأرضيَّة، التي تنتظر منه أن يسدِّدها لها اليوم (رومية٨:٥؛ إشعياء ٥٣: ١-١٢).


ليست هذه بالصورة الجميلة. إلَّا أنَّها في الوقت ذاته، وللمفارقة العجيبة، صورةٌ ذاتُ جمالٍ مذهل. وكلَّما كان الله على استعداد لأن يحاربَ ويكافحَ كي يُثبتَ محبَّته، اتَّضحَ جمالُ هذه الصورة أكثر فأكثر.


لِمَ أعطاك الله الزواج؟
الزواج -وكلُّ الأمور الصعبة الأُخرى التي نختبرها في هذه الحياة- هي وسائلُ عيَّنها الله لمساعدتنا على أن نرتويَ من مجدِ المحبَّةِ الحقيقيَّة الذي لا يقاس. لن نرى البتَّة هذا الجمال وهذا العمق في طريق سهل؛ فالجهد المثابر المكافِح الذي يتغلَّبُ على الصعوبات وتغذِّيه قدرةُ الله خالقنا، ويُنتج في النهاية فرحًا عميقًا، وشبعًا لا يمكن أن تختبرَه أو تُظهِره للمحبَّة الأنانيَّة والمدلِّلة و"السهلة". وأفضل صورةٍ تعبِّر عن هذه المحبَّة هي الصليب. شكرًا لله لأنَّ يسوع لم يتوقَّع أن يكونَ زواجُه من عروسه سهلًا. لكن لأنَّه كان أمينًا في أصعب وأقبح زواج، صار في وُسعنا الآن أن نستمتعَ بالمسرَّات إلى الأبد.


في الزواج، يدعوك الله إلى أن تُظهِر تلك المحبَّة التي أظهرها هو من نحوك،تُجاهَ الشخص الغالي الذي خلقه الله على صورته، وجمعك به. لم يوصِكَ الله بأن تسعى إلى نوالِ كلِّ شبعك من شريك حياتك؛ لأنَّ الله وحدَه هو الذي يمكن أن يكون مصدرَ شبعك، بل دعاك إلى أن تُظهِر لشريك حياتك وللآخرين كيف تبدو محبَّة الله. هذه المحبَّة ليسَت محبَّةً بين أناسٍ بلا خطيَّة، بل محبَّةٌ ممتلئةٌ نعمةً، وطويلةُ الأناة، وغافرة، كي تحبَّ شريكَ حياتك مثلما أحبَّ المسيح. يا لها من دعوةٍ عُليا مقدَّسة! وسوف يكتشفُ الأزواجُ والزوجاتُ الذين يدركون هذا أنَّ أصعبَ الأمور التي يحتملونها معًا هي في حقيقةِ الأمر بعضُ أروَعِ الأمورِ وأجملها التي تُسهِمُ في تقديسهم.


تناقَشْ مع شريك حياتك
هلْ ظننْتُما أنَّ زواجَكما سيكونُ "مختلفًا"، وأنَّ الآخرينَ قد يواجهونَ صعوبات، في حين سيكونُ زواجكما سهلًا؟ تحدَّثا معًا بصدق بشأن زواجكما الآن، وكيف يُثبت أنَّه .مختلفٌ عمَّا كنتُما تتوقَّعانه

مشاركة المقالة
عن الكاتب
أدرين سيجال

تعيش في مدينة مينيابوليس، ولاية مينيسوتا، مع زوجها ريك. وهما عضوان في كنيسة بيت لحم المعمدانيَّة، ويعملان في كلِّيَّة بيت لحم اللاهوتيَّة. ولدَيهما أربعةُ أبناءٍ وحفيدان.

المزيد من المقالات